top of page

عنصر الزمن في الاعتقال الاحتياطي


عنصر الزمن في الاعتقال الاحتياطي

يعتبر الاعتقال الاحتياطي من اخطر اجراءات التحقيق لما ينطوي عليه من مساس بحرية الشخص (المتابع ) المتهم والتي يبدو فيها بوضوخ التناقض بين احترام الفرد وما تتمتع به الدولة من حق في اقرار العقاب لحماية امن المجتمع ، اذ بهذا المقتضى يتم سلب الحرية للفرد للفترة من الزمن بالرغم من انه لم يحال بعد على المحكمة لتصدر حكما في حقه سواء بالافراج او بالادانة ،وهذا ما يتعارض مع مبداء من مبادئ حقوق الانسان، فالاصل هو البراءة ، بعد محاكمة تتوفر فيها شروط وضمانالت المحاكمة العادلة التي تعتبر مؤشر على مدى احترام الدولة للحقوق الانسان ، وفق ما هو متعارف عليه دوليا ، ومقياس اصيل في بناء دولة ديموقراطية تحترم القانون .

كما يعتبر الاعتقال الاحتياطي ظاهرة، او معضلة تؤرق الحقوقين بمختلف اصنافهم وتقضي مضجعهم وتتير قلقا بالغا متزايدا لديهم

ومن اجل ذلك يتعين دراسة الاختيارات الاساسية من قبل المشرع في هذا المجال وتبني سياسة جنائية شاملة تقتضي ان تسبقها سياسة وقائية شاملة هدفها هو الحد من الظاهرة الاجرامية بواسطة نظام فعال للتجريم يحمي المصالح العليا للمجتمع وقيمه الراسخة ونظام عقابي ملائم ومتوازن بين حق الدولة في العقاب وحق الفرد في محاكمة عادلة ،واحترام حريته وادميته ، لا اللجوء الى الاعتقال الاحتياطي بشكل عشوائي تحت دريعة محاربة الجريمة وحماية المجتمع .

مادام الاعتقال الاحتياطي اجراء وقتي فانه يتعين احترام وتقنين عنصر الزمن واقراره لفائدة الشخص المعتقل لحماية الحقوق واستقرار الامن بالمجتمع لتحقيق الامن القانوني والقضائي ، واحترام عنصر الزمن هو مقياس اصيل في بناء دولة الحقوق وسيادة وتقافة حقوق الانسان ويزيد من معدل الثقة في القانون وفي جهاز العدالة ككل .

وعليه فان من المداخل الاساسية لحل معضلة الاحتياطي الاهتمام بعنصر الزمن فيه ومحاولة ترشيده واعطاءه ما يستحق من العناية القانونية والتشريعية ، وعليه سيتم معالجة عنصر الزمن في الاعتقال الحتياطي في هذا الموضوع من خلال فقرتين الاولى سنخصصها لاهمية الزمن في الاعتقال الاحتياطي والثانية لاثر الزمن في الاعتقال الاحتياطي .

الفقرة الاولى : اهمية الزمن في الاعتقال الاحتياطي :

ان ضرورة احترام عنصر الزمن في المحاكمة العادلة اثناء فترة الاعتقال الاحتياطي وضرورة صدور الحكم خلال فترة معقولة له اهمية بالغة على المتهم وذلك بالتعجيل باتباث برائته واحترام حريته ،وكذلك يتم تفادي الاضرار النفسية والمادية التي تلحق المتهم لكون البطئ في المحاكمة وبقائه رهن الاعتقال الاحتياطي يؤدي في بعض الاحيان الى فقد الوضيفة او العمل مما يؤدي الى التشرد وكذلك للسرعة واحترام عنصر الزمن له اهمية بحيث يعفي الدولة من تحمل تكاليف مادية باهضة في حين ان سرعة البث وتجاوز الاعتقال الاحتياطي باحترام عنصر الزمن وعدم المبالغة في فترته يرهق المتهم ولا يؤثر على نفسيته ويقلل من الاضرار المادية التي تصيبه كما له اهمية في تدعيم فرض العقوبة من حيث التأهيل والاصلاح والردع العام ايضا كما ان لعنصر السرعة في البث احترام لعنصر الزمن واهميته في التقليص من معضلة الاكتضاض داخل السجون وتفادي الوضعية الشادة للشخص المودع بالسجن ، دون محاكمة مما يجعل المتهم في منزلة بين المنزلتين منزلة البراءة ومنزلة المدان .

كما ان احترام عنصر الزمن اثناء الاعتقال الاحتياطي واللجوء الى السرعة في الاحالة على المحكمة له اهمية في خلق الاستقرار والامن بجعل الشخص لا يحتج على المحكمة ويطمئن بالاجراءات التقاضي ويتق في القضاء .

كما ان تنظيم واحترام عنصر الزمن من شانه تفادي الاعتقالات المشوبة بالتعسف والشطط وذلك من اجل ترسيخ ثقافة قانونية جديدة مبنية على احترام عنصر الزمن والبث في القضايا في اجل معقول ، كما ان الدولة تعفى من المواجهة بدعاوى التعويض عن الاعتقال الاحتياطي التعسفي،

كما ان لعنصر الزمن في الاعتقال الاحتياطي اهمية بالغة في جعل اسر المتهمين المعتقلين الاحتياطين ، يتفاعلون اجابيا مع واقعة الاعتقال .

كما ان احترام عنصر الزمن بالتعجيل والاسراع في محاكمة المعتقل احتياطيا يعد من قواعد المحاكمة العادلة والبطئ يعتبر نوع من الظلم الااجتماعي ، ولكي يتأتى ذلك يتعين العمل على ترشيد عنصر الزمن داخل هذه المنظومة القانونية وذلك بمحاولة توحيد الفترات خصوصا اثناء مثول المتهم امام المحكمة في حالة اعتقال لكي لا يبقى هذا المقتضى القانوني متعارضا مع مبدأ قرينة البراءة المفترضة في المتهم الذي لم تتبث ادانته بعد بصفة باثة ونهائية ، ولكي يفك التناقض الحاصل بسببه مع قرينة البراءة باعتبارها حق من حقوق الانسان ومسايرة لكل المواثق الدولية الخاصة بحقوق الانسان والمحاكمة العادلة .

الفقرة الثانية : اثر الزمن في الاعتقال الاحتياطي

المشرع المغربي في موضوع الاعتقال الاحتياطي في المسطرة الجنائية تناول الموضوع في الفصل 159 معتدا بما هيته من كونه تدبير استثنائي والفصل 160 اعتد فيه بعنصر الزمني .

وهو تدبير سالب للحرية يودع بموجبه المتهم بالسجن متى اقتضت ضرورة التحقيق ذلك و يجعل المتهم رهن اشارة قاضي التحقيق والاجراءات والاستنطاقات والمواجهات الضرورية اذا خيف عدم الحضور للجلسات .وان الاعتقال امن على حياة المتهم او للحفاظ على النظام العام . ويؤسس قاضي التحقيق امره بإيداع في السجن على مقتضيات المادتين 152 و153 من قانون المسطرة الجنائية ويختلف الاعتقال الاحتياطي امام قاضي التحقيق عنه امام هيئة الحكم من حيث مدته اذ ان المشرع حددها امام قاضي التحقيق ويختلف امده فيما على حسب موضوع التحقيق ان كان موضوع التحقيق تكتسي صبغة جنحة او صبغة جناية بحيث ثكون المدة في الجنح شهر واحد قابل لتمديد مرتين ولنفس المدة .

واذا لم يتخد قاضي التحقيق امر بالحالة او بعدم المتابعة بعد انصرام مدة ثلاثة اشهر فإنه يجب عليه اطلاق سراح المتهم بقوة القانون ويواصل التحقيق معه في حالة سراح المادة 176 من ق م ج .

اما في الجنايات فالزمن شهرين قابلة لتمديد خمس مرات ولنفس المدة ، وحين استنفاد قاضي التحقيق المدة القانونية سنة واحدة دون متابعة فانه يطلق سراح المتهم بقوة القانون ويواصل التحقيق معه في حالة سراح .

اما بالنسبة للاعتقال الاحتياطي امام هيئة الحكم فانه لا يخضع لاي تمديد ويظل المتهم يوصف بالمعتقل الاحتياطي ، الا ان يكتسب الحكم الصادر في حقه قوة الشئ المقضي به المادة 168 ما لم يمنح السراح المؤقت اثناء احدى جلسات المحاكمة وتشكل فترة الاعتقال الاحتياطي اثناء المحاكمة بمثابة اكبر مرحلة لا يحترم فيها عنصر الزمن ،وهذا ما يمكن تسميته "بهدر الزمن القضائي" ،ومن الاثار السلبية التي يتركها عنصر الزمن اثناء الاعتقال الاحتياطي على المتهم انه يشكل مسا خطيرا بحريته الشخصية ،كما يحرمه من مباشرة حقوقه دهابا وايابا ويسلب منه حق التظاهر والتجمع والتعبير ،اضافة الى ان المتهم تحوم شكوك حول شخصيته ،لكون اغلبية من الناس لا تفرق بين المحكوم عليه بالحبس بمقتضى حكم نهائي وبين المتهم المعتقل احتياطيا ، وفي نظرهم كل شخص اودع السجن فهو مذان وعنصر خطير ينبغي الاحتياط منه وتجنبه ،كما يلقى المتهم في عالم السجن وما يعرفه من انحراف وقساوة وحياة صعبة تجعله ينهار مما يزيد من قاموسه الاجرامي ويصبح اكثر عدوانية.ممايؤثر على تصرفات داخل المجتمع اثناء الافراج عنه .

ومن خلال ماتم عرضه حول عنصر الزمن في فترة الاعتقال الاحتياطي يمكن ان نعتبر ، ان عنصر الزمن في حالة عدم احترامه يعتبر نوع من الادانة احتياطيا على غرار الاعتقال الاحتياطي ، ولتفعيل دور الزمن واعطائه مكانة خاصة ضمن منظومة الاعتقا الاحتياطي يتعين وتماشيا مع قاعدة قليل من النصوص مع العمل بها اكثر نفعا من كثرة النصوص مع قلة العمل بها ،لاخراج هذه المنظومة من الارتجالية والعشوائية وعدم الدقة التشريعية واعتبار عنصر الزمن من ضمن الضمانات الاساسية والجوهرية لمحاكمة عادلة رغبة ان يبقى القانون سيد فوق الجميع لان ذلك فضيلة تستحق الثواب ومخالفته رديلة تستحق العقاب .


bottom of page